العباءة العربية .. بين الأصالة والعصرية

تتميز الموضة الإمارتية باسمها الكبير بين موضات العالم وكان أكثر ما يميز إبداع مصمميها هى " العباءة " والتى يؤكد خبراء الازياء أنها تغيرت عن الماضى بشكل كبير.

تعتبر العباءة هى رمز الثقافة والتراث العربى والتى تثير روح الغموض والتطلع إلى معرفة ما وراء هذه العباءة، وعلى الرغم من أن ارتداء المرأة للعباءة نوع من الالتزام الإسلامى إلا أن الوثائق التاريخية تؤكد أن المرأة العربية كانت ترتدى ملابس تغطى كافة أجزاء جسمها حتى قبل الإسلام.

يقول الدكتور فراس حمزة – أستاذ مساعد فى شئون الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية بدبى – " كانت المرأة العربية ترتدى ملابس تغطى جسمها بالكامل منذ القرن الثانى قبل الميلاد حتى إن المؤرخين قالوا إنها كانت تغطى كل الجسم ماعدا العيون، ومن المرجح أن هذا الأسلوب فى ارتداء الملابس قد أفرز الطريقة البدوية فى ارتداء الملابس هذه الأيام."

وأضاف الدكتور حمزة " كان اختيارهم لأنواع المواد التى يصنع منها الملابس محدود، فكانوا يصنعونها من شعر الجمال أو الماعز والتى كان معظمها يتسم باللون الأسود، كما كان يتسم بسهولة الصنع والعملية فى الأداء."


انعكست المفاهيم التى دعا إليها القرآن فى الكثيرمن الآيات بالنسبة لهذه الملابس والذى دعا بشكل كبير إلى أن المرأة يجب أن ترتدى ملابس محتشمة، ولكن الاتفاق حول ما هو الزى المحتشم كان الأكثر جدلا، حيث يكمن الخلاف حول ما هو الزى الذى يعتبر " زينة " فى حد ذاته ويبرز مفاتن المرأة من ظهور للشعر والذراعين والأرجل وتقسيم للجسم

تم تصميم العباءة فى الماضى لتغطى كافة أجزاء جسم المرأة حتى أنها كانت تغطى تقاسيم الجسم عند الوسط، ولكن موضة هذه الأيام أثرت فيها بشكل كبير، كما اثرت على كافة أشكال الملابس التراثية فى كل أنحاء العالم فلا يوجد لباس بمأمن من تدخلات الموضة العالمية

وفى روايتها بنات الرياض والتى تم منع نشرها فى السعودية كشفت رجاء السنيا عن التغير فى الموضةحيث أصبحت الفتيات يرتدين العباءة الضيقة عند الوسط والصدر مع نقاب من الحرير يمتد من عند الأنف إلى أعلى الصدروهو الأمر الذى يكشف عن مدى جمال كحل العين والعدسات اللاصقة

ولمعرفة المزيد عن خطوط الإنتاج الجديدة للعباءة العربية العصرية نلقى الضوء على آراء بعض مصممات العباءات

DAS COLLECTION ريم وهند (دبى)

بدأت الأختان ريم وهند على تصميم العباءة بشكل احترافى بعد إعجاب الكثيرات بالعباءات التى قمن بتصميمها لأنفسهن.

فتقول ريم - التى ترتدى العباءة دائما فى كل المناسبات – " كان تصميم العباءة هوايتى المفضلة منذ أن بدأت أرتديها عند سن 15 عاما، وعندها بدأت الأخريات يسألننى : من أين تشترين عباءتك ؟"
ومن هنا حولت الأختان الهواية إلى عمل احترافى ومن أشهر العباءات DAS بالإضافة إلى Daffa و Suwaieya فى منطقة الخليج .

تضيف ريم " كانت العباءة فى الماضى تصنع من الحرير ويتم ارتداءها فى المناسبات الرسمية، ولكن Daffa يتم صنعها من الصوف ليتم ارتداءها فى الشتاء بينما تم تزيين Suwaieya باللون الذهبى عند الأطراف."

وتقول هند " إن العباءة تظهر المرأة العربية فى صورة عصرية ومحافظة فى نفس الوقت، وأنا أشعر أن العباءة جزء لايتجزأ من ثقافتنا ولذلك لا يجب أن يكون تغييرها سبباً فى تغير هويتنا حيث يمكننا إخضاعها لتناسب بيئتنا."

ويلاحظ أن هناك اختلاف إلى حد ما بين الأختين فى تصميم العباءة؛ حيث تفضل ريم تصميم العباءة المحتشمة والتى تنم عن المحافظة، فيما تفضل هند انتاج العباءة التى تتسم بالألوان والأكثر تحررا.

وتقول ريم :" إن العباءة بالنسبة لى كاللوحة التى يرسم عليها الفنان، حيث أقوم بعكس إبداعى عليها .. وفى النهاية أعتبرها كما لو أنها توقيعى الخاص."

بينما تقول هند :" اختلافا عن العباءات فى الماضى التى كانت تغطى كل مفاتن المرأة .. أصبحت العباءة الآن أكثر عصرية وشياكة وتتسم بالكثير من الألوان، وتصنع من الخامات المختلفة وإن كانت لا تظهر كل مفاتن المرأة إلا أنها تتسم بالعملية وتمكن المرأة من الظهور بحرية بين الحشود فى جمال وأناقة".

وتضيف هند قائلة: " إن عباءاتنا تتسم بالموضة والعصرية، وقد لا تجدين أفضل منها لارتدائه فى جلسات وتجمعات السيدات".

ورغم أن تصميمات هند وريم تأثرت بالموضة الغربية إلا أنهما تؤكدان على أنه يجب حماية الأسلوب والتراث القديم الخاص بالعباءة العربية .
وتقول هند : " أعتقد أن بعض المصممين لا يدركون أن العباءة هى جزء من تراثنا القديم والمحلى الدال على الهوية العربية الإسلامية".

•إن العباءة العربية هى جزء من تراثنا القديم وإننا فخورون به فهو دليل على أصالة هويتنا.

•.. GHALY غالية العباس (دبى)

أما بالنسبة لغالية العباس – مالكة متجر بدبى– فإن العباءة أصبحت فناً؛ حيث تقول: " لقد كان هناك دائما نوع من الخلط بين العباءة بشكل عام على أنها مجرد رداء أسود بدون شكل منتظم، فلقد أصبحت العباءة الآن نوعا من الفن الذى يميز المرأة العربية فهى لوحة تنتظر من يرسم عليها، وأنا أرتدى العباءة فى كل الأوقات منذ الصباح عند تناول الإفطار إلى المساء عند إحدى حفلات الزفاف فأنا أرتديها رغبة منى فى ذلك وأنا فخورة بارتدائها ".
وتضيف غالية قائلة: " يمكن إضافة الكثير والكثير إلى العباءة من ألوان وأشكال كما يحب المشترون القصات الجديدة وإضافة الإكسسوارات من أحجار كريمة وكريستالات وغيرها".

" إن ارتداء العباءة يعطيك الثقة بالنفس خاصة إذا كانت مفصلة بشكل جيد ومناسب لك ، فهى تعطيك نوع من القوة حتى أنك ستمشين بشكل مختلف عند ارتدائها ".
وعلى الرغم من أن العباءات التى تبيعها غالية تتسم بالحشمة إلا أنها تصمم كذلك أنواع أخرى من الملابس مثل: الفساتين الملونة واللامعة التى تناسب فترة الليل، والجيب، والجاكيت، والبلوزة المنقوشة بالإكسسوارات، بالإضافة إلى حقائب اليد والأحزمة .
وترحب غالية بتطوير العباءة حيث تقول: " نحن فى القرن 21 وكل شئ يتطور مع الوقت، لذلك أعتقد أنه على الناس أن يكونوا أكثر انفتاحاً، وأن يتقبلوا العباءة العصرية، وانظروا إلى دبى التى تعتبر بوتقة تنصهر فيها العديد من الجنسيات والثقافات، وبالتالى نأخذ من هذه الثقافات ونضيف إليها ".

يتردد الكثير من الزبائن الأوربيين على متجر غالية لشراء العباءات التى يعتبرونها جميلة، والمدهش هو عدد هؤلاء الزبونات اللاتى يقبلن عليها لحضور حفل أو مناسبة مميزة.

هل لفة شعرى تظهر كبيرة؟!

إن السيدات اللائى يرتدين الحجاب غالبا ما يشكلن شعرهن على شكل كعكة، خاصة لمن يملكن شعر طويل وكثيف، وبالتالى يظهرن وكأنهن يرتدين تاجا ملكيا، وقد لجأت بعض السيدات مؤخرا إلى وضع كعكة مزيفة للحصول على المظهر الرائع، وتعلق ريم على هذا التصرف بأنه عار على نساء العرب ويجب أن يخجلن منه وتقول " عندما يرى الرجال سيدات يشكلن شعرهن على شكل كعكة تحت الحجاب فإنهم يسخرون منهن".

•SUGAR VINTAGE . ليلى المارشى وهداية الرحمة (دبى)

بدأت كل من المصممتين ليلى المارشى وهداية الرحمة ماركتهما التجارية SUGAR VINTAG باستخدام الأقمشة والمواد المستخدمة فى عمل العباءة فى صناعة الملابس التقليدية من الفساتين والتى- شيرت واتسمت تصميماتهن بالعصرية والتراثية والأنوثة، وقامت المصممتان بما لديهما من خبرة بعملية تطوير الملابس الإماراتية التقليدية من خلال إضافات غربية جديدة إليها من أزرار وكريستالات.

وتقول هداية:" لقد استعنا ببعض الإكسسوارات الغربية ودمجها ببراعة وعصرية فى الزى التقليدى".

وأضافت هداية " إنها مصممة كما لو كانت ملابسا جاهزة يمكن ارتداؤها فى كافة المناسبات، والمرأة الخليجية العصرية تحب ارتداء ملابسنا خاصة عندما تريد الذهاب إلى أوروبا ، بالإضافة إلى السيدات غير العربيات اللاتى يفضلن ارتداء أزيائنا".

وتقول ليلى:" قررنا استخدام مواد وأقمشة العباءة لأنها تتسم بالحشمة، والعباءة العربية تحتاج إلى الإحترام من الآخرين وأعتقد أننا قمنا بتطوير العباءة ولم تتأثر بشكل كبير بالغرب".
أصبحت المرأة العربية تمضى وقت أطول من ذى قبل فى اختيار شكل ولون العباءة التى تتراوح أسعارها ما بين 4 آلاف و20 ألف درهم .

وتقول هداية:" ترتدى بعض النساء العباءة كنوع من الثقافة المحلية بينما ترتديها بعض النساء الأخريات كنوع من الإلتزام الدينى الإسلامى، ولكنى أعتقد أن العباءة تناسب النساء المحافظات".

الغرب والشرق يلتقيان

أدى التحول من ارتداء الملابس التقليدية إلى تلك التى تتسم بالموضة والعصرية إلى تحول بعض المصممين العالميين إلى بعض أشكال ملابس الشرق الأوسط ومن أمثال هؤلاء المصممين Louis Vuitton وBurberry حيث قام بعضهم بتصميم ملابس محجبة للمرأة فى الشرق الأوسط وهو الذى فعله دكتور فيراس حمزه تشير الى أن المصممين الخاصين بملابس الحجاب أصبحوا موضع فضول واهتمام يجذب العديد من المصممين الآخرين بالخارج